مثل كل الأشياء التي تدور، تتعرض الأرض لقوة طرد مركزية (تلك التي تجبركم على الميل في المنعطفات التي تؤخذ بسرعة عالية لعدم الوقوع خارجها...) تتناسب مع سرعة التنقل عند الدوران. غير أن الأرض تدور كجسم صلب (على الأقل بالنسبة لسطحها)، أي بسرعة دوران زاوية ثابتة. وتزيد سرعة الدوران كلما ابتعدنا عن محور الدوران. وعند القطبين، تبلغ السرعة الخطية للدوران لكل من يقوم بالملاحظة وهو يقف بقدميه على محور الدوران واحد متر لكل ٢٤ ساعة (يجتاز كل كتف دائرة بطول واحد متر تقريباً)، فحتى الحلزون يتقدم بصورة أكبر. فأثر قوة الطرد المركزية تكاد تنعدم. أما عند خط الاستواء، فنجتاز حوالي ٠٠٠ ٤٠ كم في ٢٤ ساعة أي حوالي ٤٠ مرة أكثر من القطبين. فقوة الطرد المركزية تزيد بكثير. وتعتبر روبيه منطقة وسيطة. لذا إن كانت قوة الطرد المركزية غير كافية لرفعكم من الأرض (فهي تقل بكثير عن سرعة الجاذبية الأرضية التي تلصقنا بالأرض)، فهي تساعد مع ذلك على دفع الصواريخ حيث تزيد قوة الدفع لتبلغ أقصى حد لها عند خط الاستواء. فالكتلة الهائلة للصاروخ لا تتطلب سوى بضعة كجم، الأمر الذي لا يستهان به نظراً لسعر الكجم في المدار...

يحدث ذلك لأنه عند خط الاستواء تزيد السرعة الخطية لنقطة ما على الأرض عنها في روبيه. وفكرة العمل هنا نفس فكرة المقلاع، فكلما طالت الحلقة، كلما انطلقت الحجرة بسرعة أكبر وبالتالي أبعد. وتبلغ سرعة الزاوية للأرض، في كل نقطة من سطحها، في دورة مدتها ٢٤ ساعة (حوالي ٧ر٧٢ من المليون زاوية نقية في الثانية). ومع ذلك، تتوقف السرعة الخطية (الناتجة من المسافة حتى محور الدوران بفعل سرعة الزاوية) على المكان فتبلغ مسافة المحور أقصى حد لها عند خط الاستواء (تساوي شعاع الأرض) وتنعدم عند القطبين (حيث يمر محور الدوران الأرضي). وبمزيد من الدقة، فإن المسافة إلى المحور تساوي ناتج الشعاع الأرضي عند جيب الارتفاع. وعند خط الاستواء، تبلغ السرعة الخطية للأرض ٤٦٤ متر في الثانية، الأمر الذي لا يستهان به. الخلاصة: يفضل إطلاق الصواريخ من مكان يقترب كثيراً من خط الاستواء. لذا، يفضل كورو بينما لا تفضل القواعد الروسية بنفس المستوى. وهذا هو ما دفع إلى إنشاء قاعدة إطلاق عائمة ومتحركة بمعرفة كبرى الشركات الخاصة الروسية والأمريكية (على ما أعتقد...) حيث يمكن إطلاق الصاروخ من أي نقطة من المحيط في الكون!

استكمالاً للإجابات الممتازة التي تقدم بها زملائي، يجب الإشارة إلى أنه علاوة على قوة الطرد المركزية العالية، فإن الجاذبية الأرضية أيضاً تضعف إلى حد ما عند خط الاستواء عنها عند القطبين. وفي الواقع، بسبب قوة الطرد المركزية هذه علاوة على نسبة من المطاطية لكوكب الأرض، لا تبدو الأرض تامة التكور وإنما مفلطحة قليلاً على شكل "طبق طائر". ونظراً لضعف الجاذبية الأرضية واتساع المسافة نحو المركز، فإن وزن “الأجسام" يقل إلى حد ما عند خط الاستواء. ويضاف هذا الأثر على قوة الطرد المركزية. وبصفة عامة، فإن الجاذبية الظاهرية تقل بنسبة ٠.٥% عند خط الاستواء عما هي عليه عند القطبين. وإذا قابلتكم بعض المشاكل بصدد الوزن، فلتزنوا أنفسكم عند خط الاستواء، فسوف تكتسبون مئات الجرامات... على ميزان الكتروني عند القطبين! ٠لمزيد من الدقة، أن وزنكم الحقيقي بالجرامات لن يتغير، بل أن الوزن الذي يسجله الصيادلة بالنيوتن سيقل).